الهاربون والباقون pdf Rezension von Elena Ferrante
وهي المرحلة التي تبدأ فيها الحياة في الكشف عن برقعها المزيف فتخسف في أحلام كانت بالأمس آمال منشودة … إننا في المرحلة العمرية القاسية والتي تسمى بمرحلة منتصف العمر مرحلة ما بين الشباب واللاشباب … تواصل فيها الكاتبة سرد الحبكات القصصية الماهرة دون أي تنميق لغوي كما قلنا سابقاً وتستمر قصص إيلينا وليلا بتواتر ضمن حقبة الستينيات والسبعينيات بكم هائل من المكائد والأقدار والأحداث الملية ..لا عجب أن تكون الرباعية قد أثرت لهذا الحد فهي مكتوبة بلغة عفوية تستطيع جذب الآخر رغماً عنه . عانت إيلينا من الغربة والشعور الدائم بالنقص, وكانت تشعر بنفسها أقل قدراً من تلك النساء اللواتي نشأن برفاهية, وحاولت التعويض عن ذلك بالتفوق الدراسي, وما فَتِئْتُ تملأ رأسها بمعلومات لا تفهمها وتتحدث بأفكارغيرها فقط لتثير اهتمام الآخرين بها ولم تعلم حتى كيف تتصرف بشهادتها وبكل ما تعلمته, وكان من الملاحظ أن ثقة ايلينا بنفسها كانت دوماً منقوصة وكل أفعالها كانت رغبة منها بإثارة إعجاب الآخرين ومحاولة منها للهرب من أصلها المتواضع والاندماج بالعالم الجديد “بَدَوْتُ, مرةً أخرى, كما كنت في الماضي, فتاة مذعورة وطموحة, تنحدر من أحد أحياء الضواحي, ابنة بوّاب, لكنتُها العاميّة تفضح أصلها الجنوبيّ, مصدومة هي نفسها بالقدَر الذي جاء بها إلى ذلك المكان, لتؤدّي دور الكاتبة الشابّة والمثقّفة” ورغبة منها أيضاً بإثبات نفسها لليلا, ذلك الرعب الذي رافقها طوال حياتها, وكان من الواضح أيضاً أن ايلينا لم تكن تعرف ما تريد فعلاً “كنت أريد أن أصير, مع أني لم أعرف ما أصير بالضبط. وكنت قد صرت, هذا مؤكّد, ولكن دونما طموح, دونما شغف حقيقيّ, دونما غاية محدّدة. كنت أريد أن أصير شيئاً ما – وهنا تكمن النقطة الجوهرية – لمجرّد أنّي كنت أخشى ان تصير ليلا شخصاً مهمّاً, وأنا أظلّ خلفها. كانت الصيرورة بالنسبة إليّ هي أن أصير ضمن كينونتها, يجدر بي أن أصير من جديد إذاً, ولكن أن أصير لأجلي, بنضجٍ, خارج شخصيتها”.